أخبار مشابهة
دراسة حول مدى تأثير فايروس COVID19 على الالتزامات العقدية
المقدمة
يتأثر العالم أجمع اليوم بالظروف المحيطة بوسائل الحد من انتشار فايروس COVD19 سواء بالتأثير المباشر من انتشاره و ما يصاحبه من تغيرات في الحياه العملية و الاجتماعية على الأشخاص او من خلال ما تفرضه الحكومات من تدابير وقائية على شكل قرارات إدارية تفرض على المجتمع بصفة عامة و على مجتمع الاعمال بصفة خاصة ، ينتج عن هذه القيود الناتجة عن القرارات الإدارية أثر قانوني على التعاقدات التي تمت بين الأشخاص ، مما يؤثر بالتبعية على قدرة الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في العقود المبرمة بين الأشخاص ، و هنا تكمن المشكلة التي دعتنا الى البحث في هذه المسألة لإثراء الحراك القانوني المستمر لمحاولة الخروج بإرشادات قانونية مبدئية الى حدٍ ما ، حيث ينحصر دورنا في دراسة الوضع بناءً على التشريعات الحالية وتحديثها مع ما يستجد من تشريعات باعتقادنا التام بأن كثير من التشريعات سيتم إصدارها خلال الفترة القادمة.
المطلب الأول: توصيف الحالة وتعريفها:
أولاً: التعريفات:
الوباء: هو انتشار مفاجئ وسريع لمرض في رقعة جغرافية ما فوق معدلاته المعتادة في المنطقة المعنية.
الجائحة: هي كل آفة لا صنع للآدمي فيها كالريح الشديدة، والبرد القارس، والحر الشديد، والجراد ونحو ذلك من الآفات السماوية، وما حصل بفعل الآدمي لا يسمى جائحة.
القوة القاهرة: الحدث أو التأثير الذي يعتبر من المستحيل السيطرة عليه أو التنبؤ به أو دفعه.
تتفق القوة القاهرة مع الجائحة والوباء في:
1- استحالة التوقع.
2- استحالة الدفع: أي لا يستطاع دفعه أو التحرز منه.
3 -الخارجية (أي أن الحدث خارجياَ لا يد للمتضرر فيه).
وبالتالي هل يأخذ فايروس كوفيد 19 أي من التعريفات المذكورة أعلاه ، بحيث انطباق الوصف عليه هو مناط الدراسة وهو ما يسمى الوصف القانوني للحالة.
ثانياً: الوصف القانوني للحالة: يتم التحليل و الاستقراء للوضع القانوني للحالة الراهنة من خلال تحليل مدى توافق شروط انطباق التعريفات السابقة و تحديده من خلال تلمس الاثار الواقعة من الحالة العامة التي خلفها ظهور وانتشار الفايروس و من المراحل التي تلت ذلك و تأثرت بها الالتزامات العقدية كافة ، و يمكن القول بأن جُل الأثر الفعلي للحالة نتج بوقوع القوة القاهرة من خلال صدور القرارات الإدارية من الحكومات بفرض الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الفايروس ، المبنية على حالة نشاط الوباء و سرعة و قوة و آلية انتشاره ، و ما يخلفه من ازهاق للأنفس و ارهاق لأجهزة الدولة ، و من خلال توصيات منظمة الصحة العالمية للتعامل معه ، و لا يستساغ عند البحث في إيجاد وصف قانوني للحالة أن يتم اغفال الحالة العامة للمجتمعات التي تلت ظهور الفايروس ، وذلك حتى قبل صدور القرارات سالفة الذكر كونها أثرت بالفعل في الالتزامات العقدية وذلك بسبب طبيعة و وصف وصفات الجائحة و الناتج عن وقوعها أن أثرت على غالبية شؤون الحياة العامة ،مما يجعل لها تقديرها الشرعي و القانوني و آليات التعامل مع ما نتج عنها ، و مما سبق نرى أننا أمام (قوة قاهرة لم تقع على العموم متمثلة قانونياً في مجمل القرارات الإدارية الصادرة عن الحكومة بسبب جائحة عامة خلفتها حالة الوباء تسببت بالضرر و أثرت على كثير من الأشخاص نتج عنها أن استدعت صدور تلك القرارات) ، فلا يتم من وجهة نظر الدارسين اغفال من لم تمسهم القرارات الإدارية بشكل مباشر من التأثر بالجائحة و الحالة العامة و الضرر الذي خلفته مما يسمح لنا بالقول أن الجائحة هنا و آثارها توازت في الأثر والصفات مع القوة القاهرة ، مع الاخذ بالاعتبار ان هناك تتدرج في الأثر الواقع على الأشخاص بحسب تأثير الواقعة على التزامه، وكذلك بحسب الالتزام ذاته (نوع العقد)، حيث سنتطرق في الدراسة الى الالتزامات العقدية في العقود غير المسماة ، آخذين بعين الاعتبار ما صدر من تشريعات عن الحكومة السعودية هذا الشأن.
المطلب الثاني: العقود غير المسماة.
بعد توصيف الحالة القانونية للمرحلة الحالية و تضمنها للأسباب الواردة في التوصيف ضمن حالة القوه القاهرة بسبب الجائحة التي سببها انتشار وباء فايروس (covid19) أو بسبب الأخيرة منفردة، و الاثار المترتبة عليها بالتدرج الواقع على طبيعة العقد و تأثره بما وقع من جائحة وبما صدر من قرارات حكومية غيرت قوتها القاهرة مدى القدرة على الوفاء بالالتزامات العقدية فيكون أثر انطباق الوصف السابق مسبب رئيسي لتأثر الالتزامات في العقود و تحولها من التزام تام واجب الوفاء حسب موضوع العقد و شروطه ، الى وفاء جزئي أو استحالة الوفاء بالالتزامات من الطرفين أو من طرف واحد حسب نوع العقد و موضوعه ، لذلك نستحسن البدء بالتعريف بأنواع العقود التالي ذكرناها لنشرع بعد ذلك بالبحث في الجانب الشرعي و القانوني في اثر الحالة محل الدراسة.
إن العقد غير المسمى هو ذلك العقد الذي ما لم يخصه القانون باسم معين ولم يتولى تنظيمه، فيخضع في تكوينه وفي الآثار التي تترتب عليه للقواعد العامة التي تقررت لجميع العقود، شأنه في ذلك شأن العقد المسمى، ولكنه لما كان أقل شيوعاً لم يفصل المشرع أحكامه اكتفاء بتطبيق القواعد العامة ومن الأمثلة على ذلك أن يتفق شخص مع آخر على أن يبيع الأول شيئاً مملوكاً للثاني وأن يعجل له مبلغاً معيناً وما زاد من الثمن على هذا المبلغ يحتفظ به لنفسه. وكذلك العقد مع مكتب هندسي لعمل الرسومات الهندسية للمباني، وتفردت الدراسة في المطلب الثاني بدراسة العقود غير المسماة (المدنية والتجارية) كون غيرها من العقود المسماة قد تفردت بتشريعات خاصة بأحكامها
أولاَ: التعريف بالعقود وخصائصها:
1- العقد الملزم لجانبين:
هو العقد الذي ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كلا المتعاقدين، كالبيع يلتزم البائع فيه بنقل ملكية المبيع في مقابل أن يلتزم المشتري بدفع الثمن. والظاهرة الجوهرية في العقد الملزم للجانبين هو هذا التقابل القائم ما بين التزامات كلا الطرفين.
2- العقد الملزم لجانب واحد.
هو العقد الذي لا ينشئ التزامات الا في جانب أحد من المتعاقدين فيكون مدينا غير دائن، ويكون المتعاقد الآخر دائنا غير مدين. مثل ذلك الوديعة غير المأجورة يلتزم بمقتضاها المُوَدَعٌ عنده نحو المُودِع ان يتسلم الشيء المودع وان يتولى حفظه وان يرده عينا، دون ان يلتزم المودع بشيء نحو المودع عنده.
*أهمية تقسيم العقود من حيث الالزام:
ولهذا التقسيم أهمية كبيرة ترجع إلى أن العقد الملزم للجانبين ينشئ التزامات متقابلة، وهذا التقابل يؤدى إلى نتائج هامة لا نراها في العقد الملزم لجانب واحد حيث لا وجود للتقابل. ونذكر من هذه النتائج ما يأتي:
1- في العقد الملزم للجانبين إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ ما في ذمته من التزام كان للمتعاقد الآخر أن يفسخ العقد. وهذا ما يسمي عادة بالشرط الفاسخ الضمني، إذ هو شرط مفهوم في كل عقد ملزم للجانبين أما في العقد الملزم لجانب واحد كالوديعة فلا محل لهذا الفسخ، لأن المقصود منه هو أن يتحلل الطرف الآخر من التزامه ولا التزام عليه حتى يطلب التحلل منه، فبقي أن يطلب تنفيذ الالتزام الثابت في ذمة الطرف الأول.
2- في العقد الملزم للجانبين إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ ما في ذمته من التزام كان للمتعاقد الآخر، بدلا من أن يطلب فسخ العقد، أن يمتنع عن تنفيذ التزامه. فإذا طولب بالتنفيذ دفع بوقفه حتى يقوم الطرف الأول بتنفيذ التزامه. وهذا ما يسمونه بالدفع بعدم التنفيذ، أما في العقد الملزم لجانب واحد فلا محل لهذا الدفع، لأن المتعاقد الآخر لم يتعلق في ذمته التزام حتى يطلب وقف تنفيذه.
3- في العقد الملزم للجانبين يطبق المبدأ القاضي بأن تحمل التبعة يكون على المتعاقد الذي استحال تنفيذ التزامه. ويتخلص هذا المبدأ في أنه إذا استحال على أحد المتعاقدين تنفيذ التزامه لسبب خارج عن إرادته فإن الالتزام ينقضي بسبب استحالة التنفيذ، وينقضي مع الالتزام المقابل له، فينفسخ العقد من تلقاء نفسه، ويكون المتعاقد الذي استحال تنفيذ التزامه قد تحمل تبعة هذه الاستحالة، أما في العقد الملزم لجانب واحد فإن الذي يتحمل التبعة هو المتعاقد الآخر لا المتعاقد الذي استحال تنفيذه التزامه، ذلك لأن هذا المتعاقد ينقضي التزامه بسبب استحالة تنفيذه ، ولا يعوض المتعاقد الآخر عن ذلك شيئاً لأنه لم يتعلق في ذمته التزام مقابل يسقط بسقوط الالتزام الأول ، فيكون هو الذي تحمل التبعة .
4-في العقد الملزم للجانبين يعتبر التزام أحد المتعاقدين سبباً لالتزام المتعاقد الآخر وفقاً للنظرية التقليدية في السبب، وذلك للتقابل القائم ما بين الالتزامين. أما في العقد الملزم لجانب واحد فلا يوجد التزام مقابل يمكن اعتباره سبباً.[1]
4- عقود الإذعان:
وهي العقود التي يكون فيها القابلُ مذعِنًا ومسلِّمًا لما يُمليه الموجِب، فالقابل للعقد لم يُصدِر قبوله بعد مناقَشة ومفاوَضة، بل هو لا يَملك إلا أن يَأخذ أو يدَع؛ لأنه بحاجةٍ للتعاقد للحصول على شيء لا غِنى له عنه، فهو مضطرٌّ للقَبول والتسليم بما جاء في العقد، فرضاؤه موجود، ولكنه مفروضٌ عليه، فالإكراه موجودٌ ومتَّصِل بعواملَ اقتصادية، مثل عقود الخدمات العامة (الكهرباء، الهاتف ونحوها).
5- العقود الغير ملزمة:
هو ما يملك كل من طرفيه أو أحدهما فقط فسخه دون رضا الآخر، إما عملاً بطبيعة العقد نفسه كالوكالة والإعارة والإيداع، أو لمصلحة العاقد كالعقد المشتمل على الخيار.
ثانياً: خصائص العقود من حيث الزمن:
1- العقد الفوري:
هو العقد الذي لا يكون الزمن عنصراً جوهرياً فيه، فيكون تنفيذه فورياً ولو تراخى التنفيذ إلى أجل أو إلى آجال متتابعة، فبيع شيء يسلم في الحال بثمن يدفع في الحال عقد فوري، لأن عنصر الزمن هنا معدوم، إذ أن كلا من المبيع والثمن يسلم في الحال، فهو عقد فوري التنفيذ، وقد يكون البيع بثمن مؤجل ويبقي مع ذلك فورياً. ذلك لأن الزمن إذا كان قد تدخل هنا فهو عنصر عرضي لا دخل له في تحديد الثمن. فالبيع بثمن مؤجل عندما يحين وقت تنفيذه، يكون فوري التنفيذ. وليس الأجل إلا موعداً يتحدد به وقت التنفيذ، ولا يتحدد به مقدار الثمن، وقد يكون البيع بثمن مقسط ويبقى مع ذلك فورياً. إذ الثمن الذي يدفع أقساطاً ليس إلا ثمناً مؤجلا إلى آجال متعددة. وليست هذه الآجال إلا عناصر عرضية في العقد لا يتحدد بها مقدار الثمن. ويكون العقد في هذه الحالة فوري التنفيذ، جزءاً جزءاَ، عندما يحين وقت التنفيذ لكل جزء منه، وقد يكون الأجل الذي يضرب للتنفيذ إجبارياً، لا اختيارياً، ويبقي مع ذلك عنصراً عرضياً لا يتحدد به المحل المعقود عليه، فيكون العقد في هذه الحالة فوري التنفيذ.
ويتبين مما تقدم أن العقد الفوري يتحدد محله مستقلا عن الزمن، وأن الزمن إذا تدخل فيه فإنما يتدخل عنصراً عرضياً لا عنصراً جوهرياً، لتحديد وقت التنفيذ لا لتحديد المحل المعقود عليه. ذلك أن محل العقد الفوري – أرضا كان أو بناء أو نقداً أو غير ذلك – إنما يمتد في المكان لا في الزمان، أي أن له جرماً إذاهو قيس فإنما يقاس يحيز مكاني لا بمقياس زماني، لأن الظاهرة الجوهرية فيه ليست هي في إثبات المكان له، بل في نفي الزمان عنه.
2- العقد الزمني:
هو العقد الذي يكون الزمن عنصراً جوهرياً فيه، بحيث يكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد. ذلك أن هناك أشياء لا يمكن تصورها إلا مقترنة بالزمن. فالمنفعة لا يمكن تقديرها إلا بمدة معينة. والعمل إذا نظر إليه في نتيجته، أي إلى الشيء الذي ينتجه العمل، كان حقيقية مكانية، ولكن إذا نظر إليه في ذاته فلا يمكن تصوره إلا حقيقة زمانية، مقترناً بمدة معينة، ومن ثم فعقد الإيجار عقد زمني لأنه يقع على المنفعة، والزمن عنصر جوهري فيه لأنه هو الذي يحدد مقدار المنفعة المعقود عليها.
وهناك من الأشياء ما يتحدد في المكان فيكون حقيقة مكانية، ولكن المتعاقدين يتفقان على تكرار أدائه مدة من الزمن لسد حاجة تتكرر. فهو في ذاته يقاس بالمكان، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يقاس بالزمان. مثل ذلك عقد التوريد، يلتزم به أحد المتعاقدين أن يورد للمتعاقد الآخر شيئاً معيناً يتكرر مدة من الزمن.
فمحل العقد هنا – وهو الشيء المعين الذي اتفق على توريده – يقاس في ذاته بالمكان، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يتكرر مرات مدة من الزمن، فجعلاه يقاس، كالمنفعة والعمل، بالزمان لا بالمكان. فالمعقود عليه في كل من عقد الإيجار وعقد التوريد هو الزمن، أو هو شيء يقاس بالزمن. ولكن المعقود عليه في عقد الإيجار يقاس بالزمن طبيعة، أما المعقود عليه في عقد التوريد فيقاس بالزمن اتفاقاً، ومن ثم ينقسم العقد الزمني إلى عقد ذي تنفيذ مستمر كعقد الإيجار، وعقد ذي تنفيذ دوري كعقد التوريد وعقد الإيراد الدائم.
3- أهمية هذا التقسيم:
ترجع خصائص العقد الزمني إلى فكرة جوهرية هي أن المعقود عليه في هو الزمن. والزمن إذا مضي لا يعود. فإذا نفذ العقد الزمني حيناً من الزمن، وأريد لسبب أو لآخر الرجوع في العقد استحال ذلك، فإن الفترة من الزمن الذي نفذ فيها العقد قد انقضت، وما نفذ من العقد أصبح تنفيذه نهائياً لا يمكن الرجوع فيه. أما العقد الفوري فلا يقوم على الزمن، وإذا نفذ في جزء منه جاز الرجوع فيما تم تنفيذه. ويترتب على هذا الفرق الجوهري فيما بين العقد الزمني والعقد الفوري نتائج هامة، نذكر منها ما يأتي:
أ- الفسخ في العقد الفوري ينسحب أثره على الماضي، لأنه يجوز الرجوع فيه. أما الفسخ في العقد الزمني فلا ينسحب أثره على الماضي لأن ما نفذ منه لا يمكن إعادته.
ب- إذا وقف تنفيذ العقد الفوري، فإن هذا الوقف لا يؤثر في التزامات المتعاقدين من حيث الحكم بل تبقى هذه الالتزامات كاملة كما كانت قبل الوقف، أما العقد الزمني فوقف تنفيذه يترتب عليه النقص في كمه وزوال جزء منه، إذ تمحى آثاره في خلال المدة التي وقف تنفيذه فيها. لأن هذه المدة لا يمكن تعويضها بعد أن فاتت بل قد يترتب على وقف العقد الفوري انتهاؤه إذا كانت مدة الوقف تزيد على المدة المحددة للعقد أو تساويها.
ج- العقد الزمني تتقابل فيه الالتزامات تقابلا تاما ً حتى في التنفيذ، فما تم منها في جانب يتم ما يقابله في الجانب الآخر. ففي عقد الإيجار الأجرة تقابل الانتفاع، فإذا انتفع المستأجر مدة معينة التزم بدفع الأجرة بقدر المدة التي انتفع فيها. أما في العقد الفوري فإن التقابل إذا كان تاماً في الوجود فهو غير تام في التنفيذ. ففي عقد البيع بثمن مقسط إذا تقابل المبيع والثمن من حيث الوجود، فليس من الضروري أن يتقابلا من حيث التنفيذ، ويجوز أن يدفع المشتري أقساطاً من الثمن لا يأخذ ما يقابلها من المبيع، ويلجأ إلى فسخ البيع فيسترد ما دفعه من الثمن.
د- العقد الزمني لا يمكن إلا أن يكون ممتداً مع الزمن، وبقدر ما يمتد يكون تغير الظروف محتملا، ومن ثم كانت العقود الزمنية هي المجال الطبيعي لنظرية الظروف الطارئة. أما العقود الفورية فلا يمكن أن تنطبق عليها هذه النظرية إلا إذا كان تنفيذها مؤجلا [2].
المطلب الثالث: المعيار الشرعي والقانوني على النتائج المترتبة على الالتزامات العقدية في العقود غير المسماة جراء انطباق الوصف الشرعي والقانوني للحالة:
بعد ان قمنا بتوصيف قانوني للحالة الحالية بأنها (قوة قاهرة لم تقع على العموم متمثلة قانونياً في مجمل القرارات الإدارية الصادرة عن الحكومة ، بسبب جائحة عامة تسببت بالضرر و أثرت على كثير من الأشخاص نتج عنها أن استدعت صدور تلك القرارات) ، وذكرنا بأنه لا يصح من وجهة نظر الدارسين اغفال من لم تمسهم القرارات الإدارية بشكل مباشر من التأثر بالجائحة و الحالة العامة و الضرر الذي خلفته مما يسمح لنا بالقول أن الجائحة هنا و آثارها توازت في الأثر مع القوة القاهرة ، لاسيما وقد توفرت فيهما مسببات تحول القدرة على الوفاء بما تم الالتزام علية إما مستحيل أو مرهق أو ممكن جزئياً ،فإثبات ذلك و اثبات سببه (الحالة الحالية) و ارتباطه بالالتزامات العقدية ما يجيز لأطرافه تعديله او فسخة قياساً على الأثر الواقع على موضوعه و كذلك حسب إمكانية الوفاء بما نص علية ، كل ذلك عائد الى تقدير الضرر الناتج عن الاستمرار في تنفيذه ، "فقد أجاز فقهاء الحنفية[3] دون غيرهم فسخ عقد المزارعة بالأعذار الطارئة؛ لأن الحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر؛ لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر، للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد". والعذر: هو ما يكون عارضاً يتضرر به العاقد مع بقاء العقد، ولا يندفع بدون الفسخ. "قال ابن عابدين: كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله، يثبت له حق الفسخ[4]"
و الاعذار التي تجيز طلب الفسخ أما ترتبط بطرفية او احدهما او بالمعقود علية ابتداءً، فلو كان عقد مقاولة و هو عقد: يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، علية إذا حدث عذر يحول دون تنفيذ عقد المقاولة أو إتمام تنفيذه، جاز لأحد عاقديه أن يطلب فسخه أو إنهاءه حسب الأحوال، وفي الاجارة ، "قال جمهور العلماء (غير الحنفية)[5] الإجارة عقد لازم، فلا تفسخ كسائر العقود اللازمة من أي عاقد بلا موجب، كوجود عيب أو ذهاب محل استيفاء المنفعة، فإذا فات المعقود عليه وهو المنفعة، كانهدام الدار، وموت الدابة ، جاز الفسخ، ويكون بالنسبة للمستقبل لا في الماضي"، وتفصيل الحكم في هذه المذاهب: أن المالكية يجيزون فسخ الإيجار للعذر الذي يمنع استيفاء المنفعة شرعاً، ولذا يجيز الفقه الإسلامي الفسخ في حالة استحالة التنفيذ لأحد التزامات العقد، سواء أكان ذلك بفعل الملتزم أم لا؛ لأن الالتزام المقابل يصبح بلا سبب، "وبناء عليه، يمكن القول بأن هلاك الشيء في جميع الأحوال قبل القبض يؤدي إلى فسخ العقد باتفاق المذاهب. وتقع تبعة الهلاك على عاتق الملتزم، كهلاك المبيع قبل القبض، وكما إذا لم يستطع المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة، فإن التزامه بدفع الأجرة يسقط[6]". ونشير هنا الى أن العقد يفسخ لاستحالة تنفيذه بسبب حلول جائحة، وهو ما يسمى في الفقه الاسلامي بالآفة السماوية، وقانونياً بالقوة القاهرة أو الظروف أو الأحوال الطارئة، فيفسخ البيع كما تبين بهلاك المبيع قبل تسليمه، لاستحالة تنفيذ العقد بعد هلاك محله، كما ينفسخ عقد الإيجار بخراب الدار المؤجرة أو بالإخلال بالمنفعة كانهدام جزء منها يؤثر هدمه على المنفعة المقصودة منها[7] ، كما ينفسخ بيع الثمار بهلاكها كلها بجائحة، وينقص من الثمن بمقدار ما تصيبه الجائحة إن بلغ المُجَاح الثلث فأكثر في رأي الإمام مالك، وسواء أكان قليلاً أم كثيراً في مذهب الحنابلة والراجح عند المالكية، كما تقدم.
أولاً: مدى تأثر الالتزامات العقدية بإنطباق الحالة (الظرف الطارئ) محل الدراسة على العقد:
لم يضع الفقه الإسلامي تعريفا لنظرية الظروف الطارئة، لأن الفقهاء لم يعنوا ببحث النظريات العامة، بل كانوا يتناولون كل مسألة على حدة، ويجتهدون في تحري حكم الله تعالى بما يقتضيه العدل فيها، استنباطا من النص إن ورد فيها، أو دلالة بالاجتهاد بالرأي من قواعد التشريع، أو معقول النص، ويمعنون في تحليل الواقعة علميا وواقعيا، آخذين في اعتبارهم ما يحتف بها من ظروف ملابسة في كل عصر يرون أن لها دخلا في تشكيل علة الحكم[8] وقد عرفها بعض المعاصرين بأنها: مجموعة القواعد والأحكام التي تعالج الآثار الضارة اللاحقة بأحد العاقدين الناتجة عن تغير الظروف التي تم بناء العقد في ظلها[9].
والمعنى الإجمالي للنظرية، هو: أن المقصود بالظرف أو الحادث الطارئ هو كل حادث عام، لاحق على تكوين العقد، وغير متوقع الحصول عند التعاقد، ينجم عنه اختلال بيِّن في المنافع المتولدة عن عقد يتراخى تنفيذه إلى أجل أو آجال، ويصبح تنفيذ المدين لالتزامه كما أوجبه العقد يرهقه إرهاقاً شديدًا، يتهدده بخسارة فادحة تخرج عن الحد المألوف في خسائر التجار، وذلك كخروج سلعة تعهد المدين بتوريدها من التسعيرة وارتفاع سعرها ارتفاعا فاحشا غير مألوف ولا متوقع[10].
وتفترض هذه النظرية أن عقدا من العقود طويلة الأجل، أو متراخية التنفيذ، كعقد الإجارة، والمساقاة، والمزارعة، والبيع، وكذا تغير قيمة النقود، والجوائح، إذا أجل تنفيذه، وعقود التوريد، والمقاولة، وعقود التزام المرافق العامة، قد أبرم في ظل الأحوال العادية، فإذا بالظروف الاقتصادية التي كانت أساسا يرتكز عليه توازن العقد وقت تكوينه قد تغيرت بصورة لم تكن في الحسبان، فيختل التوازن الاقتصادي للعقد اختلالا خطيراً، ويؤدي هذا التغير في الظروف إلى أن يصبح تنفيذ العقد والوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد ليس مستحيلا استحالة تامة ينقضي بها الالتزام، وإنما مرهقا للمدين بحيث يؤدي إجباره عليه إلى إفلاسه، أو ينزل به على الأقل خسارة فادحة تخرج عن الحد المألوف، فتتدخل النظرية لإزالة الظلم اللاحق بالمدين، ورد التزامات العقد إلى الحد المعقول تحقيقا لمقتضيات العدالة، ورفعا للظلم عن المتعاقدين[11].
ثانياً: إعمال نظرية الظروف الطارئة على الحالة الحالية:[12]
لما كانت الحالة الحالية من قبيل الظروف الطارئة ولما أن وجود ظروف طارئة بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه تؤدي إلى اختلال الالتزام التعاقدي وتوازنه ولما انه ليس كل ظرف، أو حادث يكون سببا لتطبيق النظرية، بل يتعين في هذا الظرف أو الحادث أن يتصف بأوصاف معينة، يمكن تقسيمها إلى قسمين:
1-من حيث طبيعته ومنشأه:
يشترط في الحادث الذي يطرأ على العقد فيما بين إبرامه وتنفيذه، والذي يترتب عليه جواز تعديل العقد أو فسخه، الشروط التالية:
الشرط الأول: أن يكون الظرف أو الحادث استثنائياً:
والحادث قد يكون استثنائيا بطبيعته كالحروب والزلازل والأوبئة والتشريعات أو الأوامر الإدارية من قبل الدولة كصدور أوامر السلطة الحاكمة بإغلاق الحوانيت أم الاستيلاء عليها، وقد يكون بجسامة قدره التي جاوزت المألوف، كارتفاع الأسعار ونزولها والفيضان والإصابة بدودة القطن، فالفيضان في مصر مثلا مألوف، وما ينشأ عنه من أضرار لا يعد ظرفا استثنائيا يؤثر في الالتزام التعاقدي، ولكنه يعد استثنائيا إذا جاوز حده المألوف وجعل تنفيذ الالتزام مرهقا[13] .ويجب أن يراعى في تحديد الحادث الاستثنائي المكان والزمان، فما يكون استثنائيا في بلد قد يكون عاديا في بلد آخر، وما يكون استثنائيا في زمن يبدو مألوفا في زمن آخر.
الشرط الثاني: أن يكون الحادث الاستثنائي عاما:
والمقصود بالعموم ألا يكون الحادث الاستثنائي خاصا بالمدين الذي يطلب تعديل العقد بل يجب أن يشمل أثره عددا كبيراً من الناس كأهل بلد، أو إقليم معين، أو طائفة معينة منهم كالزراع في جهة من الجهات، أو منتجي سلعة بذاتها، أو المتجرين بها.
ولم تأخذ الشريعة الإسلامية بشرط العمومية-إلا في بعض المسائل كالجوائح عند ، حيث اشترطوا أن تكون الجائحة عامة كالجراد، والمطر، والبرد، والطير الغالب، تحقيقا للعدالة بيت المتعاقدين- بل يستوي في الحادث الاستثنائي أن يكون عاما أم خاصا لاحقا بشخص، أي من المتعاقدين، فجميع النظريات الفقهية المتعلقة بالأعذار، أو الجوائح، أو نظرية تغير القيمة لا تأخذ به، وتكتفي في ذلك بأن يكون الحادث فرديا لا يتعدى أثره حدود الالتزام الذي يتحمل المتعاقد وحده[14]
الشرط الثالث: أن يكون الحادث غير متوقع ولا يمكن دفعه:
يشترط أيضا لتطبيق النظرية أن يكون الحادث، أو العذر، أو الظرف غير متوقع، أي أن يكون المتعاقد المدين لم يتوقعه وليس في وسعه توقعه وقت إبرام العقد وقبل تنفيذه، أو في أثناء التنفيذ[15] كمن استأجر دارا ثم تهدمت هذه الدار كلا أو جزءا، أو استأجر دابة ليسافر على ظهرها، فمرضت هذه الدابة، أو نفقت، أو استأجر سيارة فسرقت، أو استأجر أرضا ليزرعها فأغرقها السيل، أو انحسر عنها الماء الذي تعتمد عليه وحده في سقيها[16]. فإذا كان المتعاقد قد توقع الحادث، أو العذر، أو الظرف، أو كان في وسعه توقعه، فليس له أن يطالب بتطبيق النظرية، كمن يتعاقد على توريد سلعة مستوردة من الخارج مع قيام نذر حرب تهدد بقطع المواصلات وارتفاع أسعار السلع المستوردة، أو فرض القيود عليها، فهذا لا يستطيع أن يطلب تعديل التزاماته إذا صارت مرهقة بقيام الحرب، إلا إذا كان قد اشترط ذلك لأن هذه الحرب كانت متوقعة عند إبرام العقد[17] هنا تكمن أهمية تقسيم العق من حيث خصائصه الزمنية.
والذي يدل على هذا الشرط- أي شرط عدم إمكانية دفع الحادث، أو التحرز منه غالبا- في الفقه الإسلامي عبارات الفقهاء، من ذلك قول ابن يونس رحمه الله تعالى: (كل ما منع المكتري من السكنى من أمر غالب لا يستطيع دفعه من سلطان أو غاصب، فهو بمنزلة ما لو منعه أمر من الله، كانهدام الدار، أو امتناع ماء السماء حتى منعه حرث الأرض، فلا كراء عليه في ذلك كله[18] .
وعلى هذا الأساس جرى حكم القضاء في تحديد الحادث الاستثنائي، من حيث عدم توقعه وعدم إمكان دفعه أو تحاشيه، فاعتبر من الحوادث الاستثنائية التي لا يمكن توقعها ولا دفعها، الزلزال والأعاصير والجليد الشاذ، أو الحرارة الشاذة والفيضانات ونقصان المحصول بسبب الجفاف وإعلان الحرب، ولم يعتبر من الحوادث الاستثنائية تقلب الأسعار في زمن الحرب، فليس لمن تعاقد بعد نشوب الحرب، أن يحتج بارتفاع الأسعار ويعتبرها ظرفا طارئا، لأن التعاقد وقت الحرب يجعل صعوبات التنفيذ متوقعة، أما إذا حدث ارتفاع غير مألوف ومفاجئ في الأسعار من جراء تغيير الظروف الاقتصادية التي كانت قائمة وقت العقد، وبصورة تهدد بخسارة خارجة فيعتبر ذلك من قبيل الظروف الاستثنائية غير المتوقعة[19] .
2- من حيث نتيجة الحادث الاستثنائي غير المتوقع:
والمراد هنا أن يكون الحادث، أو الظرف، أو العذر مؤثرا على العقد، بحيث يجعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين يهدده بخسارة فادحة، تقتضي تدخل القضاء لرد الالتزام المرهق إلى حد المعقول. أي يؤدي الحادث إلى ضرر زائد، أو فاحش غير معتاد ملازم حدوثه لتنفيذ موجب العقد، بمعنى أن هذا الضرر ناتج عن هذا الظرف، أو الحادث، أو العذر، وليس من ذات الالتزام العقدي بحيث أن المضي في تنفيذ هذا الالتزام يؤدي إلى الضرر الزائد غير المستحق بالعقد[20] والضرر في الفقه الإسلامي ليس ضررا اقتصاديا فحسب، بل قد يكون في حالات أخرى ضررا غير اقتصادي، وفي هذا يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى: (كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله يثبت له حق الفسخ، فالحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر، لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد فكان الفسخ في الحقيقة امتناعا من التزام الضرر [21].
ثالثاً: تحديد معيار الإرهاق:
أما معيار درجة الإرهاق أو الضرر في نظريتي الجوائح وتغير القيمة، فيعد معيارا موضوعيا بل إن نظرية الجوائح تضع معيارا حسابيا جامدا، وهو أن يكون التلف الذي تسببه الجائحة الثلث أو أكثر [22] وهذا ما قالت به المالكية مع وجود رأي آخر في المذهب وهو عدم الوضع إلا قدر الثلث قياساً على الثمر وهذا القول هو رواية علي بن زياد وغيره عن مالك، وهناك رواية ثانية أنه لا يوضع من جائحة البقل شيء قل أو كثر[23].
والمعتمد في المذهب عدم اشتراط الثلث لوضعها، جاء في المدونة: "في جائحة البقول قلت أرأيت البقول... إذا اشترى الرجل هذه الأشياء فأصابتها جائحة أقل من الثلث هل يوضع عن المشتري شيء أو لا قال مالك: أرى أن يوضع عن المشتري كل شيء أصابت الجائحة منها قل أو كثر ولا ينظر فيه إلى الثلث" [24] ، وهذا ما ذكره ابن عبد البر في الكافي حيث قال: "وما أجيح به من البقول من قليل أو كثير من ظاهره أو مغيبه، فمصيبته من البائع ولا يكون على المشتري شيء منه إلا أن تكون الجائحة يسيرة تافهة لا بال لها، فتكون من المشتري هذا هو الأشهر عن مالك"[25].
وعرفت القوانين العربية الإرهاق بأنه: ما يهدد المدين بالخسارة الفادحة. غير أن تعبير (الخسارة الفادحة) جاء مطلقا، ومن ثمّ لابد من تحديد مقداره للتمييز بين الفادح من الخسارة والمألوف منها، وتحديد ذلك يعتمد على تحديد معيار الإرهاق، لمعرفة ما إذا كان يجب أن يتناول ذات المدين أو موضوع العقد.
على أن الإرهاق يختص بذات العقد لا بذات المتعاقد، وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر في 10 مايو سنة 1962م، إذ جاء في قرارها أن: (تدخل القاضي لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول- طبقا للمادة 147/2 من القانون المدني- رخصة من القانون، يجب لاستعمالها تحقق شروط معينة أهمها الإرهاق المهدد بخسارة فادحة، وتقدير ذلك منوط بالاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها[26].
مما تقدم يتبين أن معيار الخسارة والإرهاق يقدر تقديرا موضوعيا لا شخصيا، ويعول في تقدير الإرهاق على مدى اختلال التوازن الاقتصادي بين التزامات الطرفين. والتقدير يجب أن يكون بالنظر إلى المدين العادي أو المتوسط، فإذا كان من شأن الحادث الطارئ أن يصبح الالتزام مرهقا للمدين العادي بحيث يهدده بخسارة فادحة، اعتبر كذلك بالنسبة للمدين المطلوب منه التنفيذ، ولو كانت هذه الخسارة لا تعد شيئا بالنسبة لثروته الضخمة، أما إذا لم يكن التنفيذ مرهقا للمدين العادي فلا يعتبر مرهقا بالنسبة للمدين المطالب بالتنفيذ ولو كان هذا التنفيذ يعتبر شيئا كبيرا بالنسبة إلى ثروته الضئيلة.
وفي ذلك يقول السنهوري ما نصه: (وإرهاق المدين لا ينظر فيه إلا للصفقة التي أبرم في شأنها العقد، فلو أن المدين تهددته خسارة من جراء هذه الصفقة تبلغ أضعاف الخسارة المألوفة، كانت الخسارة فادحة حتى لو كانت لا تعد شيئا كبيرا بالنسبة إلى مجموع ثروته، نعم إن ثروة المدين تكون إلى حد معين محل اعتبار في تقدير الخسارة الفادحة، فمن كان فقيرا كانت خسارته فادحة ولو لم تبلغ أضعاف الخسارة المألوفة، ومن كان ثريا وجب أن تبلغ الخسارة الفادحة بالنسبة إليه أضعاف الخسارة المألوفة[27] ويتحقق الإرهاق إذا كان الفرق كبيرا بين قيمة الالتزام المحددة في العقد، وقيمة العقد الفعلية عند التنفيذ، ولو كان المدين يملك من الوسائل ما يمكنه من تنفيذه دون عناء، فليس ينفي الإرهاق عن المدين أن يكون واسع الثراء، كما لو كان المدين مصرفا ماليا كبيرا أو دولة، فالحكومة نفسها لو كانت مدينة بالتزام، قد تتمسك بنظرية الظروف الطارئة إذا حدث ما يسبب لها خسارة فادحة في تنفيذ التزامها، ولو كانت هذه الخسارة شيئا لا يذكر بالنسبة لميزانية الحكومة في مجموعها، ولا أن يكون لديه- أي المدين- قدر من السلعة التي التزم بتوريدها يسمح له بالوفاء بالتزاماته بالرغم من الحادث الطارئ، كمن تعاقد على توريد سلعة معينة ثم ارتفع سعرها ارتفاعا فاحشا بسبب الحرب مثلا، ولكن المدين كان قد اشترى كميات كبيرة من هذه السلعة قبل الحرب، فرغم أن هذا المدين بالذات لن يخسر شيئا في هذه الصفقة، إلا أن شرط الإرهاق يتحقق مع ذلك من الناحية الموضوعية، لأن أي مدين آخر في مركزه كان سيصاب بخسارة كبيرة، وكون هذا المدين بالذات قد قام قبل الحرب بتخزين كميات كبيرة من هذه السلعة، لا يعدو أن يكون ظرفا خاصا لا يعتد به في تقدير الإرهاق[28]،إلا أنه يشترط في الخسارة الفادحة، أن تكون نتيجة حتمية للطارئ الذي لا يمكن دفعه ولا تحاشيه، فإذا كانت من عمل المدين، أو نتيجة لخطئه، أو لسوء تصرفه، فلا يعتد بها في إرهاقه، ويمتنع عليه التمسك بنظرية الظروف الطارئة[29].
المطلب الرابع: الجزاء في نظرية الظروف الطارئة:
يعد تأثر الالتزام العقدي بالحادث الطارئ هو المحور الذي ترتكز عليه نظرية الظروف الطارئة، فحدوث الظرف الطارئ يعطي للقاضي سلطة التدخل لتعديل العقد وفسخه، وذلك بقصد المقاربة بين ما قصده المتعاقدان من عقدهما، للتغيير الذي طرأ بعد إبرامه، من حيث ظهور ظروف طارئة مستجدة. فالإبقاء على العقد وعدم فسخه، أو عدم تعديل قيمة الالتزام التي أثر فيها الظرف الطارئ، بما يعيد التوازن،اذا أصبح سببا مفضيا إلى ظلم أحد طرفيه، وانتفاع الآخر بما لا يحل، أو بالباطل، والشريعة لم تشرع العقود أساسا لتكون أسبابا مفضية لذلك، أو لإيقاع الناس في الظلم من جراء تنفيذها في ظرف طرأ فأثر على قيمة الالتزام تأثيرا بينا، فكان أثره ضررا لازما لتنفيذه، ولا ينفك عنه[30].
أولاً: رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول:
للقاضي سلطة واسعة في هذا الشأن، فله أن يسلك أحد طرق ثلاثة:
1-وقف تنفيذ العقد: قد يرى القاضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان الحادث وقتيا يقدر له الزوال في وقت قصير، كما إذا تعهد مقاول بإقامة بناء، وارتفعت أسعار بعض مواد البناء لحادث طارئ ارتفاعا فاحشا، ولكنه ارتفاع يوشك أن يزول لقرب فتح باب الاستيراد مثلا، فيوقف القاضي التزام المقاول بتسليم المبنى في الموعد المتفق عليه، حتى يتمكن المقاول من القيام بالتزامه دون إرهاق، إذا لم يكن في وقف التنفيذ هنا ضرر جسيم يلحق صاحب المبنى[31]. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "ولو استأجر دابة ليركبها، أو يحمل عليها إلى مكان معين، فانقطعت الطريق إليه لخوف حادث، أو اكتري إلى مكة، فلم يحج الناس ذلك العام من تلك الطريق، فلكل واحد منهما فسخ الإجارة، وإن أحب إبقاءها إلى حين إمكان استيفاء المنفعة جاز"[32] وهذا ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي، فقد جاء في القرار السابع ما نصه: (ويحق للقاضي أيضا أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير، ولا يتضرر الملتزم له كثيرا بهذا الإمهال)[33].
2-زيادة الالتزام المقابل للالتزام المرهق: قد يرى القاضي زيادة الالتزام المقابل ليقلل خسارة المدين.
وهذا ما ذهب إليه ابن عابدين رحمه الله في تغير قيمة النقود من وجوب التصالح بين المتعاقدين لتوزيع العبء الطارئ بينهما، ومن خلاله يتقاسم كل من البائع والمشتري، أو المقرض والمقترض الضرر الناشئ عن تغير قيمة النقود. حيث قال: (أما إذا صار ما كان قيمته مائة من نوع يساوي تسعين، ومن نوع آخر خمسة وتسعين، ومن آخر ثمانية وتسعين، فإن ألزمنا البائع بأخذ ما يساوي التسعين بالمئة فقد اختص الضرر به، وإن ألزمنا المشتري بدفعه بتسعين اختص الضرر به، فينبغي وقوع الصلح على الأوسط)[34]
وهذا يوافق ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي في قراره السابع الذي جاء فيه: (في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد، والتعهدات، والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلا غير الأوضاع والتكاليف والأسعار، تغييرا كبيرا، بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد، فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة، غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير، أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزامه، فإنه يحق للقاضي في هذه الحال عند التنازع، وبناء على الطلب تعديل الحقوق، والالتزامات العقدية، بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين)[35]
3- إنقاص الالتزام المرهق:
كما إذا تعهد شخص بتوريد سلعة معينة، ثم يقل المعروض في السوق من هذه السلعة نتيجة لحادث طارئ كحرب منعت استيراد السلعة، فيصبح من العسير على الشخص أن يورد جميع الكميات المتفق عليها، فعندئذٍ يجوز للقاضي أن ينقص الكمية التي يلتزم المدين بتوريدها، بالمقدار الذي يراه كافيا لرد التزام المدين إلى الحد المعقول.[36] وهذا يوافق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي من جواز إنقاص الالتزام بسبب الحادث الطارئ في العذر الطارئ عند الحنفية، والجوائح عند المالكية والحنابلة، حيث يوضع عن المشترى من الثمن بمقدار ما أصاب ثماره المشتراة من جائحة بالثلث، أو دونه على خلاف في ذلك عند المالكية والحنابلة.[37]
وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "إذا استأجر ما تكون منفعة إيجاره للناس، مثل الحمام، والفندق، والقيسرية، ونحو ذلك. فنقصت المنفعة المعروفة، مثل أن ينتقل جيران المكان، ويقل الزبون لخوف، أو خراب، أو تحويل ذي سلطان لهم، ونحو ذلك فإنه يحط عن المستأجر من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة المعروفة"[38]
ثانياً: فسخ العقد:
1- تعريف الفسخ ً:
والفسخ المراد به هنا: حل ارتباط العقد[39] ، أو هو ارتفاع حكم العقد من الأصل كأن لم يكن، فتستعمل كلمة الفسخ أحياناً بمعنى رفع العقد من أصله[40]، كما في الفسخ بسبب أحد الخيارات، وتستعمل أيضاً بمعنى رفع العقد بالنسبة للمستقبل، كما في أحوال فسخ العقود الجائزة أو غير اللازمة. فإذا انعقد العقد لم يتطرق إليه الفسخ إلا في أحوال سأذكرها، مثل الخيارات، والإقالة، وهلاك المبيع قبل القبض، وكون العقد غير لازم، ويتم ذلك بإرادة العاقد أو غيره، ويعود العاقدان إلى الحالة الأصلية التي كانا عليها قبل التعاقد، ففي البيع مثلاً يعود المبيع إلى ملك البائع، والثمن إلى ملك المشتري، ليس في الفقه الإسلامي نظرية عامة للفسخ تطبق على جميع العقود في أحوال معينة تقتضي الفسخ.
ولا يعرف الفقه نظام الفسخ القانوني أي باعتباره جزاء يترتب لمصلحة الدائن على إخلال المدين بالتزامه، ويقوم على فكرة الارتباط بين الالتزامات المتقابلة. ولكن يعرف الفسخ باعتباره نتيجة لإعمال شرط يتضمنه العقد عند الإخلال بالالتزام.
و لا يجوز للقاضي في القانون الوضعي فسخ العقد، ذلك أن النص لا يجعل له إلا أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. فالالتزام المرهق يبقى ولا ينقضي، ولكن يرد إلى الحد المعقول، فتتوزع بذلك تبعة الحادث الطارئ بين المدين والدائن، ولا يتحملها الدائن وحده بفسخ العقد بناء على طلب المدين[41].
وخالف القانون البولوني واليوناني فأجازا للقاضي فسخ العقد كله، أو الجزء الذي لم ينفذ، فقد جاء في القانون البولوني: (جاز للمحكمة، إذا رأت ضرورة لذلك، تطبيقا لمبادئ حسن النية، وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن تعين طريقة تنفيذ الالتزام، أو أن تحدد مقداره، وبل وأن تقضى بفسخ العقد)[42].
وجاء في القانون اليوناني ما نصه: (فيجوز للمحكمة بناء على طلب المدين، أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ولها أن تقضى بفسخ العقد كله، أو الجزء الذي لم ينفذ منه، فإذا قضت المحكمة بالفسخ انقضت التزامات الطرفين، وعلى كل منهما أن يعيد إلى الآخر ما أداه إليه وفقا للأحكام المتعلقة بالإثراء بلا سبب)[43]
وما ذهب إليه القانون البولوني واليوناني يوافق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي في العذر الطارئ في فسخ عقود الإجارة، والمزارعة، والمعاملة عند الحنفية، وفي فسخ عقد الإجارة بالطوارئ عند المالكية، وبالعذر عند الحنابلة في الحالات التي يأخذون فيها بالعذر، لمحاربة الضرر ومنع وقوعه مطلقا، لأن كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه، أو ماله، يثبت له الحق الفسخ، فالحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر، لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد، فكان الفسخ في الحقيقة امتناعا من التزام الضرر.[44]
قال الإمام الزيلعي رحمه الله تعالى: (تفسخ الإجارة بالعيب، لأن العقد يقتضي سلامة البدل عن العيب، فإذا لم يسلم فات رضاه فيفسخ كما في البيع، والمعقود عليه في هذا الباب المنافع، وهي تحدث ساعة فساعة، فما وجد من العيب يكون حادثا قبل القبض في حق ما بقى من المنافع فيوجب الخيار، كما إذا حدث العيب بالمبيع قبل القبض، ثم إذا استوفى المستأجر المنفعة مع العيب، فقد رضي بالعيب فيلزمه جميع البدل كما في البيع، فإن فعل المؤجر ما أزال به العيب فلا خيار للمستأجر، لأن الموجب للرد قد زال قبل الفسخ، والعقد يتجدد ساعة فساعة، فلم يوجد فيما يأتي بعده، فسقط خياره)[45]
ثالثاَ: شرط البراءة من الجائحة:[46]
لو اشترط البائع إسقاط الجائحة فهل يعتبر هذا الشرط أو لا؟ عندما تكلم المالكية عن هذا الشرط كان لهم قولان:
الأول: يعتبر هذا الشرط لاغياً ومن ثمّ فالعقد صحيح والشرط باطل ويلزم اعتبار الجائحة إذا استوفت الشروط المذكورة وهذا هو قول مالك في كتاب ابن المواز وفي سماع ابن القاسم وعليه اقتصر ابن رشد في البيان والمقدمات[47]
أدلة القول الأول:
1- إن هذا الإسقاط إسقاط للحق قبل وجوبه فلا يؤثر في صحة العقد.[48]
2- لأن في هذا الشرط نقل للضمان عن محله فيترك الشرط ويصح العقد [49].
الثاني: يعتبر هذا العقد فاسداً وهو قول أبي الحسن.
أدلة القول الثاني:
لأن هذا الشرط فيه غرر، والغرر مفسد للعقد، فيفسد هنا[50]
الرأي والتوصيات القانونية:
يوصى بعدم التعسف في استخدام الحق الأصلي فلا يستخدم الحق في غير الغرض و المصلحة التي من اجله شُرِع لأن قصد ذي الحق في هذه الحالة مضاد لقصد الشارع في التشريع و معاندة له لأنه تحيل على المصالح التي بنيت عليها الشريعة و هدم لها ، لذلك كل وجب الابتعاد عن اختلال التوازن البين بين المصالح في حال عدم فسخ العقود و التوجه الى إعادة تحرير نصوصه مع ما وقع على اطرافه من ضرر جراء الحالة الحالية (فلا ضرر و لا ضرار) فكل ما كان ضرره اكثر من نفعه لا يشرع ، والمقصد المتبع أن الحق لم يشرع ليكون وسيلة للإضرار بالفرد او المجتمع ، و من المعلوم أن ما وقع اليوم من جائحة لابد للمجتمع كله التكاتف فيما بينة للنهوض ببعضه البعض و معاونة الأشخاص بعضهم البعض تجنب السقوط لما في ذلك من منفعة عامة و من المعلوم ارتباط أجزاء الاقتصاد بعضة ببعضه فلا تكتمل الدائرة و تدور العجلة إن نقص بعضها و لو كان يسيراً و إن كان لشخص من المبادئ أو الأنظمة التي لا يحيد عنها في تعاملاته في زمنٍ مضى فاليوم لا حرج من التنازل عن بعضها للمصلحة و الحاجه العامة بالأخذ بالتوسط و التيسير أعمالاً لقاعدة ( المشقة تجلب التيسير) والضرر الأشد يزال بالضرر الاخف.
1-العمل على دراسة موضوع العقد والتواصل بين اطرافه والعمل على إعادة التوازن الية فيما لحقه جراء الحالة.
- السعي وراء العدالة في تقدير الضرر الواقع على القدرة على تنفيذ الالتزام.
3-عدم استغلال الحماية التي توفرها الأنظمة للأضرار بالغير.
عن رفاعه ابن رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله علية وسلم سُئل أي الكسب أطيب؟ قال:(عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور) رواه البزار وصححه الحاكم. أي ما خلص عن الغش والتدليس في المعاملة [51]
4-البحث في المقاصد الشرعية والنصوص النظامية الدالة والآمرة برفع الضرر وإعمال ما جاء فيها.
5- التوجه الى اهل التخصص في هذا الشأن بالتقدم باستشارتهم.
[1] السنهوري عبد الرزاق أحمد. الوسيط في شرح القانون المدني. ج. 1، مصادر الالتزام. ص 158-161.
[2] مرجع سابق
[3] مختصر الطحاوي: ص 133
[4] رد المحتار: 55/ 5
[5] بداية المجتهد: 227/ 2
[6] النظرية العامة للالتزامات في الشريعة الإسلامية للدكتور شفيق شحاته: ص 167
[7] مرشد الحيران (م 646)
[8] الدريني، النظريات الفقهية، دمشق، جامعة دمشق، ص143، 139.
[9] محمد خالد منصور، تغير قيمة النقود وتأثر ذلك بنظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردنية، المجلد (1)، العدد1، 1998، ص153
[10] مرجع سابق
[11] مرجع سابق
[12] أنظر نظرية الظروف الطارئة: أركانها وشروطها، أحمد الصويعي شليبك، بحث منشور في "المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية"2007م
[13] مرجع سابق
[14] مرجع سابق
[15] مرجع سابق
[16] عبد الله بن الشيخ حسن الكوهجي، زاد المحتاج بشرح المنهاج، قطر، طبع على نفقة الشؤون الدينية، 1982، ج2، ص391.
[17] مرجع سابق
[18] زكريا الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب، مصر، المكتبة الإسلامية، ج2، ص435
[19] الترمانيني، نظرية الظروف الطارئة، ص140-141.
[20] مرجع سابق
[21] محمد أمين بن السيد عمر الشهير بابن عابدين (ت 1252ﻫ/1857م)، حاشية رد المحتار على الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، القاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1984، (ط3)، ج5، ص197)
[22] مالك، المدونة الكبرى، ج12، ص37-38
[23] مرجع سابق
[24] مرجع سابق
[25] ابن عبد البر، الكافي، ج1، ص334. عبد الله بن أبي زيد القيرواني، رسالة القيرواني، ج2، ص88
[26] بولحية جميلة، نظرية الظروف الطارئة، ص123. عمر، العقد والإرادة المنفردة، ص278
[27] مرجع سابق
[28] مرجع سابق
[29] مرجع سابق
[30] الدريني، نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي المقارن، ص158-159
[31] مرجع سابق
[32] ابن قدامة، المغني، ج6، ص30
[33] قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي من دورته الأولى عام 1398ﻫ، ص99-104
[34] محمد أمين بن السيد عمر عابدين (ت 1252ﻫ/ 1857م)، مجموعة رسائل ابن عابدين، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ص55
[35] مرجع سابق
[36] مرجع سابق
[37] محمد عرفة الدسوقي دار احياء الكتب العربية حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ص183
[38] ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج30، ص311
[39] الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص 833، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 313.
[40] تبيين الحقائق للزيلعي: ج4،ص197
[41] مرجع سابق
[42] مرجع سابق
[43] مرجع سابق
[44] مرجع سابق
[45] مرجع سابق
[46] المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، المجلد الثالث، العدد (2)، 1428 ه/2007م عبدالله الصيفي
[47] الدسوقي: حاشية الدسوقي، ج3، ص175
[48] مرجع سابق
[49] الباجي، المنتقى، ج6، ص173
[50] مرجع سابق
[51] سبل السلام شرح بلوغ المرام -4